الرئيسية / التوصيات
النخيل" لا يحب الضباب ... مزيج من الادب والعلم...
2023/07/11
-
تحت الضباب المتزايد تقبع سلطانة الشجر المبارك "النخلة" وكأنها بقايا مأتم تجثو في صمت معتم، حزينة باهتة موجوعة، تتدلى منها قطوف السعف الأشعث، وأزهار العرجون اليابس، وعسيب الخوص الضامر. تذكرت ذلك الأمير العربي حين أشجته نخلة بالأندلس منفردة في أرض الغربة وفي غير موطنها فقال: نشأت بأرض أنت فيها غريبة.. فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي،
ومثله الشاعر العراقي (أحمد الصافي النجفي) حين خاطب نخلة بأرض الشام حيث لا نخل: لا أنت نامية ولا أنا نامي.. يا نخلة غرست بأرض الشام .. في الشام لم أسكن وربي لحظة.. لو لم تقيدني بها أسقامي .. ربطوا بتربتها جذورك مثلما.. ربط السقام بأرضها أقدامي.
أما نخلة الشمال مقروحة القلب، جريحة العمر، مكسورة الخاطر، فقد أحنت رأسها كشظايا اللؤلؤ لتقول للعابرين: لا يريحني الندى والضباب في هذه الديار، ولا يطربني هطول الأمطار خلال الإزهار والتلقيح، ولا أحب الضوء المشمس تحت سطوة وغزارة السحب والغيوم، مما يقلل من كفاءة ثمري، فلماذا حملوني إلى تربة غير تربتي، وفضاء غير فضائي، وعوالم غير عوالمي، ومناخ غير مناخي، ويأملون أن أكون صبية خضراء مثقلة بالرطب، وتغتسل ذوائبها بالدفء ويزهر كافورها بالطلع، وينتصب جذعها كالسارية، وتمرح عذوقها كعيون الأطفال.
هذه صورة تعبيرية ...فقط لا غير ... والمقصود بالمنشور هو عدم التوسع في زراعة النخيل قبل دراسة احتياجاتها وحدودها المناخية ودراسة تغير مناخ مناطق الزراعة .. ومراعاة أن النخيل لا يحب الضباب أو الرطوبة العالية ..حتي الأصناف الرطبة تتعرض لمشاكل كبيرة في المواسم الرطبة جدا ....
ولمعلوماتك ...
العالم العربي لديه 2000 صنف من النخيل منها 600 صنف معروف بالعراق ومثلهم في المملكة العربية السعودية وبلدان الجزيرة العربية، و400 صنف في ليبيا بينما تمتلك مصر فقط 27 صنفا منها 14 صنفا من الانواع الرطبة، و4 أصناف نصف جافة و9 أصناف جافة...
وفي #مصر ...
يزرع النخيل من أسوان جنوباً وحتى ساحل البحر المتوسط شمالاً ... لكن تختلف الاصناف تماما بين المناطق فالاصناف الجافة تزرع فى الجنوب والاصناف نصف الجافة تزرع جنوبا وحتى الجيزة شمالا والاصناف الرطبة تزرع من الجيزة جنوبا وحتى شمال الدلتا..
مصر تزرع تقريبا ما يتجاوز 18 مليون نخلة وتنتج ما يزيد عن مليون 800 الف طن ولكن تصدر منهم ما يقل عن 75 الف طن وتعتبر اكبر منتج للتمور فى العالم ومصر تسبق السعودية رغم ان الاخيرة تملك 27 مليون نخلة ...
لكن ما يزيد فى انتاج مصر هي الاصناف الرطبة والتي تتجاوز تعدادها اكثر من 8 مليون نخلة تنتج تمور منخفضة القيمة والجودة ...
ومن هنا لابد من اعادة التفكير فى انتاج التمور الرطبة وتحويلها للتصنيع فقط وليس للتداول الطازج (ويوجد اكثر من 15 صناعة يمكن ان تقوم على التمور اهمها :
تمر الدين (مثل قمر الدين) - رقائق التمر - مربى التمور - مرملاد التمور - مخللات البلح ( طور الكمري والشيص) -بلح مسكر – الكاتشب - مسحوق التمر المجفف - كراميل التمر - السكر السائل (يفضل استخلاصه من طور البسر) - كحول إيثيلي - كحول صناعي - صناعة الكاوتشوك - إنتاج الروائح. - خميرة العلف - حامض الخليك - الخل التجاري (خل الطعام) - حامض الستريك – البيوتانول – الأسيتون - الريون (الحرير الصناعي) الذي ينتج عن الكحول +حامض الخليك+الأسيتون+بقايا القطن. ...الخ
لكن فى العموم النخيل لا يحب الرطوبة ولا الامطار الغزيرة وخاصة وقت التزهير والتلقيح لذلك ينصح وبشدة بعدم التوسع فى الاصناف الجديدة بالتحديد فوق خط عرض 30.5 شمالا يعني من بني سويف جنوبا وحتى شمال الدلتا .. على الرغم من انه يوجد بعض زراعات البارحي منزرعة لكنها اقل جودة وتتعرض لديدان الثمار وسيزيد مشاكلها مع توغلها فى العمر ...
كما يوجد بعض زراعات المجدول فى اطراف الدلتا (الصحراوية) مثل النوبارية غرب الدلتا وبداية من اول طريق الاسماعيلية مرور بالصالحية شرقاً ..
وثمار المجدول هناك اقل جودة بكثير من ثمار المجدول فى وسط سيناء او جنوب مصر.
دكتور محمد علي فهيم
11 يوليو 2023