الرئيسية / الاخبار
كلام هام في القمح
2023/05/16
-
القمح أبو الزروع قديماً وحديثاً .. هو المنتج الزراعي والغذائي الأكثر تبادلا في العالم ويستورد ثلث مبيعات العالم منه، وتنتج خمس دول أكثر من نصف القمح العالمي ( الهند، الصين، روسيا، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي ) وتتعامل هذه الدول مع القمح كسلاح استراتيجي عند التعامل مع الدول المستوردة....
العامل المشترك الأساسي لهذه الدول هو ان زراعة القمح هناك على الأمطار وفي مساحات شاسعة من الأراضي، فالصين تزرع ما يزيد عن 350 مليون فدان قمح، والهند ما يقارب 300 مليون فدان وروسيا حوالى 230 مليون فدان وفي كل الأحوال لا تزيد تكلفة انتاج الطن عن (100 دولار = 3000 جنيه للطن ، بما يعادل حوالى 500 جنيه تكلفة انتاج الأردب ) في هذه الدول …
#القمح في مصر ...
وصف القرآن مصر في عهد النبي يوسف بخزائن الأرض حيث كانت سلة غذاء المنطقة كلها وسبب إنقاذ سكانها من المجاعة طوال 7 سنين عجاف ..
وفي عام الرمادة في عصر الخليفة عمر بن الخطاب عندما حدث جفاف في الجزيرة العربية، أرسل عمرو بن العاص، حاكم مصر، قافلة غذائية أطعمت الجزيرة العربية وكفتها مؤونة المجاعة ..
#بداية استيراد القمح
بدأ التحول لاستيراد القمح في عام 1951 عندما استوردت مصر القمح لتغطية احتياجات القوات البريطانية على أرضها ...
في عام 1952 بدأت عملية استيراد القمح للاستهلاك المحلي عندما اتجهت الحكومة الجديدة لتعميم استخدامه بدلاً من الذرة في صناعة الخبز
مع زيادة عدد السكان في مصر عام 1960 والذي وصل إلى 27 مليون نسمة زاد الاستيراد ليبلغ حوالي مليون طن ، وظلت كميات القمح المستوردة في مصر تتزايد عبر السنين مع زيادة عدد السكان ..
تستورد مصر حاليا نحو 12 مليون طن من القمح سنويا، بما نسبته 10 % من إجمالي صادرات القمح العالمية... لكن في نفس الوقت مصر بتنتج ملايين الأطنان سنوياً وبأعلى معدلات الإنتاجية العالمية لوحدة المساحة ...
لكن للأسف كل الملايين دي مش كفاية لان سوق الاستهلاك في مصر ضخم جداً (حوالي 20 مليون طن قمح منهم 9 ملايين مخصصة للخبز المدعم الذي ينتج منه يوميا قرابة 270 مليون رغيف لسد احتياجات 70 مليون مواطن مسجلين ببطاقات التموين) وأكثر من 140 مليون طن منتجات غذائية أخرى في السنة ) وبأنماط استهلاكية غير صحيحة وغير صحية .. وعايشين في 4% من مساحة مصر (الصحراوية ) اللي موارد المياه فيها محدودة جداً ( وصلنا الى أقل من 400 م3 / فرد / سنة ) ...
#انتاج القمح في_مصر
انتاجية القمح في الثمانينيات وما قبلها كانت لا تتعدى 5 أردب للفدان وفى التسعينات كانت لا يتجاوز من 8 إلى 10 أردب للفدان وفي غضون سنوات قليلة ارتفعت غلة الفدان لتتعدى 20 أردب للفدان كمتوسط عام الجمهورية ( يعني فيه مزارعين بتجيب فوق 25 أردب للفدان ) ..
يعني بحساب بسيط زاد انتاج القمح نتيجة زراعة الأصناف المحسنة في الــ 3.5 مليون فدان بأكثر من 50 مليون أردب إضافية ( حوالي 8 مليون طن قمح ) قيمتهم النقدية أكثر من 75 مليار جنيه سنوياً ( فقط بسبب استنباط أصناف محسنة ) ومقاومة في معظمها للأصداء الثلاثة ( وهذه الامراض كانت تسبب خسارة قد تصل الى 50% من المحصول في سنوات الأوبئة) ومقاومة للرقاد أيضاً ( والذي كان يسبب فقد في المحصول يصل إلى 20-30% ) ...
ناهيك عن القيمة المضافة نتيجة توفير شهر من عمر القمح ( جميع الأصناف قصيرة العمر 150 – 155 يوم ) لو حولناها إلى قيمة مالية ( الشهر ايجار بحوالي 1000 جنيه / موسم) تكون قيمتهم حوالي 4 مليار جنيه ... ده كل سنة ، اضرب بقه في عدد سنوات كتير...
طيب ما نتوسع في زراعة الصحراء ... ايه المانع ؟؟
طبعاً المحدد الأكبر لزراعة ولو فدان واحد في الصحراء هو توفر المياه .. هذا بالإضافة طبعاً للتكاليف الاستثمارية العالية لزراعة الصحراء وتعرضها الدائم لمشاكل تغير المناخ ... ومصر لديها محدودية شديدة في مورد المياه ( تصنف مصر أصلا بأنها بلد جافة بصورة مطلقة بسبب ان معدلات تساقط الامطار لا يتجاوز 100 – 150 مم / سنة وفي مناطق محددة ) يعني لو نسبناها لمساحة مصر هتكون صفر "كبير" وبتوزيعات ومعدلات هطول غير منتظمة وصعبة التنبؤ بها ) – خلينا نقارن مثلا بالبلاد اللي بنستورد منها – معدل سقوط الامطار في مناطق القمح في روسيا وأوكرانيا حوالى 1000 مم / سنة في معظم المناطق وفرنسا 1500 مم / سنة ( بالمناسبة 1000 مم / سنة يعني كل متر مربع بينزل عليه طن مياه سنوياً ) ... يعني مساحة الفدان بينزل عليه مكر 4200 م3 في حين أن الفدان قمح مروي بيحتاج في حدود 2500 م3 في الموسم ...
ورغم ذلك الكل تابع وشاف افتتاح موسم حصاد القمح في شرق العوينات من أيام قليلة ( اخر نقطة على حدود مصر الجنوبية الغربية ) وشاف ان الدولة بتزرع في الصخر عشان تتطلع قمح ( وده رد على بعض المتنطعين اللي يقولك اصل الدولة بتحارب زراعة القمح )
وبالمناسبة احنا بننتج خضر وفاكهة بـ 120% اكتفاء ذاتي وبنصدر أكثر من 6.5 مليون طن منتجات زراعية طازجة وحوالى 2.5 مليون طن مصنعات غذائية قيمتها 225 مليار جنيه ( 7.5 مليار دولار) - طيب بنصدر ليه طالما بنستورد ؟؟؟
دي لها علاقة بما يسمي بالاكتفاء الذاتي النسبي ... يمكن تلخيص ذلك في ان انتاجية مصر من القمح هي رقم 1 فى العالم (غلة الفدان) والأرز والذرة وغيرها في المراتب الأولى ... يعني الزيادة الرأسية حصلت - يتبقي الزيادة الأفقية يعني زيادة المساحة - ومش معقول نزرع 6 مليون فدان قمح من إجمالي 9 مليون فدان كل مساحة مصر الزراعية .. طب باقي المحاصيل تنزرع فين ؟؟
طيب .. احنا بنصدر لنفس البلاد اللى بنستورد منها تقريباً ... وبأضعاف قيمة الكيلوجرام من المنتج .. يعنى مثلا نصدر كيلو بطاطس بحوالي 30 جنيه ونستورد قمح ب 10 جنيه .. رغم أن فدان القمح بينتج 3 طن في حين أن فدان البطاطس بينتج 20 طن ... وهكذا ( وده اسمه استغلال الميزة التنافسية فى ظل مبدأ الأمن الغذائي النسبي ) ...
بالإضافة ان المحاصيل التصديرية دي كلها بتنتج من مساحة أقل من مليون فدان يعني أقل من ثلث مساحة القمح الحالية ...رغم ان قيمة الصادرات دي تساوي قيمة حوالى 25 مليون طن قمح ( بالسعر العالمي) – في حين ان لو زرعنا المساحة دي بالقمح هتجيب 2.5 مليون طن قمح ...
النقطة الأخيرة ان فيه وجهة نظر بتقول طب ما نقلل مساحات الخضر والفاكهة ونزرعها قمح وحبوب ومحاصيل استراتيجية ، ... دي هتقابلها صعوبات كتير أهمها انه في ظل تحرير الزراعة منذ اكثر من 40 عاماً والمزارع يزرع ما يراه اقتصادي مربح له ومش هقدر افرض عليه انه يزرع قمح او ذرة لأنها في الغالب محاصيل ذات عائد اقتصادي غير منافس للخضر والفاكهة وخاصة في ظل زيادة تكاليف مستلزمات الإنتاج – طيب ما الدولة تدعم المحاصيل دي ؟؟ طيب ما هي الدولة بدأت تعمل كده في إطار الزراعات التعاقدية وتحديد أسعار ضمان وإعلان مسبق لسعر الاستلام وربط السعر بالبورصة ...
لكن في النهاية المزارع حساباته بسيطة جداً لكنها واقعية جداً ... أنه هيزرع اللي يربحه ... ويجب ان تكون كل التدخلات في هذا الاتجاه ...
دكتور محمد علي فهيم
رئيس مركز معلومات تغير المناخ
وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي
16 مايو 2023